
ما إن سيطر حزب الاتحاد الديمقراطي “PYD “وأذرعها العسكرية على مناطق مختلفة من شمال شرقي سوريا، حتى بدأت بتطبيق سياساتها باعتقال كل من يناهض مشروعها في شمال شرقي سوريا.
الاعتقالات طالت الكثير من الناشطين والمدنيين، ولم يسلم منها حتى “الكرد” من أبناء المنطقة، لمجرد تعبيرهم عن رأيهم ومناهضة مشروع ” الإدارة الذاتية”، التي أعلنها حزب الاتحاد الديمقراطي PYD.
ووثقت شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، منذ بدء عملها شهادات لمعتقلين كانوا في سجون قوات سوريا الديمقراطية، تحدثوا عن “فنون” التعذيب التي يستخدمها مسلحي PYD و ذراعها العسكري “قسد” في السجون، كما تحدثوا عن أوضاع تلك السجون وظروف الاحتجاز والمعاملة اللاإنسانية في السجون، ومعاناة السجناء فيها.
كما وثقت الشبكة العديد من حالات القتل تحت التعذيب، التي حصلت في سجون قوات سوريا الديمقراطية، كان آخرها يوم الثلاثاء في ال 7 من حزيران الجاري 2022، إذ توفي الشاب جدوع بركات القمر البالغ من العمر ٢٠ عاماً، من أهالي قرية أم فكيك بريف بلدة الهول شرقي محافظة الحسكة، تحت التعذيب في سجون “قسد”، الشاب “جدوع” تم اعتقاله أثناء محاولته العبور إلى تركيا عبر مدينة الدرباسية الحدودية مع تركيا .
وبحسب قاعدة بيانات الرصد لدى شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، والشهادات التي وثقتها الشبكة، فإن سجون قوات سوريا الديمقراطية، تتوزع على مختلف مناطق سيطرتها، ولا تختلف كثيراً عن بعضها، بسوء المعاملة والتعذيب الجسدي والنفسي، وغياب كلّي للخدمات والرعاية الطبية والصحية.
وبحسب توثيقات شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، فقد أضحت سجون قوات سوريا الديمقراطية، لا تختلف عن سجون النظام السوري، كـ “صيد نايا” و”تدمر” وغيرهما، المعروفة بـ”المسالخ البشرية”، من حيث أعداد الوفيات تحت التعذيب وأساليب التعذيب، وظروف الاحتجاز السيئة والمعاملة اللاإنسانية، إذ يتم فيها ارتكاب انتهاكات متعددة وخطيرة في خرق لأبسط مبادئ العدالة وقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ضد المدنيين بشكل مستمر.
وتستخدم قوات سوريا الديمقراطية، بحق المعتقلين، أساليب تعذيب مروّعة في سجونها، كالضرب الشديد والتعنيف، والتعذيب بأدوات كهربائية وأدوات حادة.. وغيرها، إضافة إلى أساليب الضغط النفسي العالي تجاه المحتجزين، وما يرافق ذلك الاحتجاز من ظروف بيئية وصحية سيئة، كالنقص في الطعام وانعدام النظافة والرعاية الطبية، إذ تؤدي إلى فقدان المحتجزين إلى حياتهم في بعض الأحيان، نتيجة للتعذيب الممنهج أو ظروف الاحتجاز السيئة في السجون.
ولا تقتصر المعاناة على المحتجزين داخل السجون، إذ تؤدي ظروف الاحتجاز المذكورة، إلى إصابات جسدية ونفسية تستمر لفترات طويلة يعاني منها المفرج عنهم، وتعج العيادات النفسية في مدينة القامشلي، بمحتجزين سابقين، كانت قسد قد أفرجت عنهم بعد احتجاز تعسفي خارج نطاق القانون.
وتؤكد توثيقات شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، أن من بين المفرج عنهم من سجون قسد، ما يزال يعاني من آلام جسدية ونفسية، ترافقه لفترات طويلة، نتيجة التعذيب الذي مورس بحقهم من قبل سجانو قوات سوريا الديمقراطية.
وتنتشر السجون بكثرة في مختلف مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، معظمها سجون سرية، منها في محافظة الحسكة، “مساكن الضباط” في مركز المدينة، و”جركن” و”علايا” و”الرميلان” و”هيمو” و”القحطانية” في مدينة القامشلي، و”قبيبة” و”الكم الصيني” أو ما يُعرف باسم “بوكا2” في ريف الحسكة الجنوبي، إضافة لمعتقل “ديريك” الذي يُعرف أيضاً باسم “السجن الأسود” في ناحية المالكية، و”ناف كر” شمالي المحافظة، وفي دير الزور هنالك مراكز ومعتقلات سرية، منها سجن “محيميدة” و”حوايج” و”سجن الاستخبارات” في الريف الشرقي للمدينة، وسجن “الباغوز” و”البصيرة” و”الصور” في ريفها الشمالي، وأما في الرقة، فإن أبرز المعتقلات السرية التابعة لقسد، هي “المخابرات العسكرية” و”الأمن العام” و”سجن الأسايش” و”جهاز الجريمة” و”سجن التحقيق”.. وغيرها من السجون. تضاف إلى السجون المعلن عنها من قبل قوات سوريا الديمقراطية وهي، سجن الصناعة وغويران في الحسكة، والسجن المركزي والأحداث في الرقة، والكسرة والجزرات في دير الزور..
ولا تختلف هذه السجون ومراكز الاحتجاز، في شكلها وظروف معاملتها للسجناء والمعتقلين، إذ أن معظمها تقبع في باطن الأرض أو على شكل أقبية، تتكون من منفردات، كل منفردة طولها من 3 – 4 أمتار، وعرض وارتفاع أقل من متر واحد، شبهها المعتقلون بـ”التابوت”.
يخيّم الظلام بشكل دائم على تلك السجون، ورائحة “البول” تفوح منها، إلى جانب روائح العفن والرطوبة، يسمح للمعتقل بالخروج مرة واحدة لقضاء حاجته وأحياناً لا يسمح لهم بالخروج لقضاء الحاجة، ما يضطرهم لقضائها داخل المنفردة أو الزنزانة إن كانت جماعية، كما أن الطعام الذي يقدم مرة واحدة كل 24 ساعة، لا تتوفر فيه أية مقومات صحية، مع غياب شبة تام للرعاية الصحية والوقاية من الأمراض.
خلال فترة الاحتجاز، يتم استدعاء المعتقلين بشكل دوري إلى مراكز تحقيق داخل السجون، يمارس السجانون مختلف أساليب التعذيب والمعاملة اللاإنسانية، لمحاولة انتزاع الاعترافات من المعتقلين، بغض النظر عن الجرم المرتكب أو حتى الاعتقال التعسفي خارج نطاق القانون، إذ تلصق بمعظم المعتقلين تهمة “الإرهاب”، وباتت دارجة لدى “قسد”، ضد كل من يناهضها.
طوال فترة الاعتقال، لا تسمح “قسد” لذوي المعتقلين بزيارتهم أو معرفة مصيرهم، كما أن هنالك العديد من التوثيقات تؤكد أن بعض من ذوي المعتقلين كانوا لا يحصلون على أجوبة فيما إذا كان ابنهم محتجزاً لدى قسد في سجونها، وأحياناً تنفي عناصر قسد معرفتها بوجود أحد في سجونها، بحسب شهادات وثقتها شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان.
وتشير شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، في هذا التقرير “الموجز”، إلى أنها تستعرض جزءاً من انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها قوات سوريا الديمقراطية في سجونها، بحق المدنيين المعتقلين خارج نطاق القانون، وتعبّر عن قلقها الشديد من ازدياد أعداد القتل تحت التعذيب في سجون “قسد”، خلال الفترة الماضية وعلى مدار سنوات سابقة.
وتدين شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، ممارسات قوات سوريا الديمقراطية الممنهجة في التعذيب، وأساليبها التي قد تودي بحياة المحتجزين، كما وتدين الاعتقال التعسفي خارج نطاق القانون، في جملة انتهاكات خطيرة وخرق واضح لقواعد القوانين الدولية ترتكبها.
وتدعو الشبكة المجتمع الدولي وكافة المنظمات الدولية المعنية، إلى فتح تحقيقات موسّعة، لكشف تلك السجون والممارسات اللاإنسانية التي ترتكبها قوات سوريا الديمقراطية بحق المدنيين، كما تؤكد على ضرورة محاسبة كل مرتكبي الانتهاكات في سوريا.