
مقدمة التقرير
ما تزال الانتهاكات ضد المدنيين في سوريا، مستمرة بكافة أشكالها وأنواعها، بدءاً من القتل خارج نطاق القانون، والإصابة والضرب، وليس انتهاءً بالاعتقال أو الاحتجاز التعسفي، الذي تمارسه مختلف أطراف الصراع في سوريا، وخاصةً النظام السوري.
وتقوم شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، وإيماناً منها بتحقيق العدالة المستقبلية للضحايا، في واجبها بتوثيق جميع الانتهاكات ضد المدنيين والتي ترتكبها مختلف الأطراف، دون تحيز أو محاباة.
وتتبع شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، آلية واضحة بتوثيق تلك الانتهاكات وفق معايير قانونية دولية محددة لتوثيق الانتهاكات ضد المدنيين في مناطق الصراع والحروب، من خلال شبكة من الموثقين، متوزعين على مختلف المناطق السورية، شمالها وجنوبها، شرقها وغربها.
يستعرض هذا التقرير الشهري الصادر عن شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، حصيلة الانتهاكات المرتكبة ضد المدنيين، خلال شهر آب 2022، كما يتضمن تفاصيلاً بالأرقام لتوزع الانتهاكات خارج نطاق القانون على مختلف المناطق الجغرافية في سوريا، مع تحديد الجهات المسؤولة عنها.
وخلال الشهر الماضي، ارتفعت حدة الانتهاكات المرتكبة ضد المدنيين، ووتيرتها، إذ وثقت الشبكة العديد من حالات القتل تحت التعذيب في سجون قسد والنظام السوري.
وكان من أبرز الانتهاكات التي وثقتها الشبكة، ارتكاب مجزرة في مدينة الباب بريف حلب الشرقي، راح ضحيتها عشرات المدنيين، كما كان بعضهم إصاباته خطيرة.
أيضاً، تزايدت حالات اختطاف الأطفال وتجنيدهم في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وأضحت سياسة اختطاف الأطفال وتجنيدهم وزجهم في معسكرات القتال والتدريب، ممنهجة لدى قوات قسد. إضافة إلى أن قسد ما تزال تستخدم الأماكن المحمية المدنية منصات لإطلاق الصواريخ والقذائف باتجاه مناطق شمال غربي سوريا والحدود التركية.
كما ارتفعت خلال شهر آب الماضي، وتيرة الاعتقالات الممنهجة، ضد الإعلاميين، إذ وثقت الشبكة عشرات الانتهاكات المرتكبة ضد الإعلاميين في مناطق سيطرة قوات قسد ومناطق سيطرة المعارضة السورية المسلحة.
وما تزال الألغام المزروعة في مختلف المناطق شرقي وغربي سوريا، تحص أرواح المدنيين الأبرياء، إذ وثقت شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، مقتل العديد من المدنيين جراء انفجار تلك الألغام، كان من بين الضحايا نساء وأطفال.
تفاصيل التقرير
في آب 2022: توثيق مقتل 81 مدنياً في سوريا
وثقت شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان مقتل ٨١ مدنياً، في سوريا خلال شهر آب عام 2022، وتعتبر هذه الحصيلة من أعداد الضحايا المدنيين مرتفعة، مقارنةً بغيرها من أشهر العام الحاليّ.
وتعود أسباب ارتفاع نسبة أعداد القتلى خلال أيار الحاليّ، إلى ارتفاع حدة التوتر والفلتان الأمني في المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام السوري، إضافةً إلى استمرار قوات سوريا الديمقراطية في سياساتها بارتكاب الانتهاكات والتضييق في مناطق سيطرتها، كما كان للقصف المتبادل بين قوات سوريا الديمقراطية والجيش الوطني، أثره الواضح في ارتفاع وتيرة الانتهاكات في الشمال السوري عموماً.
وبحسب توثيقات شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، فإن ٣٦ حالة قتل ارتكبت في مناطق قوات قسد، كان منها 4 حالات قتل تحت تعذيب في سجون قسد. فيما ارتكب في مناطق النظام 15 حالة قتل، وفي مناطق المعارضة السورية وثقت الشبكة مقتل 6 مدنيين، إضافة لمقتل مدنيين اثنين نتيجة القصف المتبادل بين قسد والمعارضة السورية المسلحة.
وكان من بين حالات القتل ضد المدنيين الموثقة (81 حالة قتل)، مقتل 22 طفلاً، في مناطق مختلفة من سوريا، حيث وثق فريق الشبكة مقتلا ١٢ طفلاً في مناطق سيطرة قسد، و5 أطفال في مناطق سيطرة النظام السوري.
كما سجل فريق شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، مقتل ٧ أطفال نتيجة انفجار الألغام الأرضية المزروعة، كان منها مقتل 5 أطفال في مناطق المعارضة السورية، إلى جانب ذلك وثق الفريق مقتل طفل تحت التعذيب.
وعلى صعيد الاعتقالات، وثقت شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، خلال شهر آب الماضي، 54 حالة اعتقال تعسفي ارتكبت ضد مدنيين في مختلف المناطق السورية، كان منها 30 حالة اعتقال ارتكبت في مناطق سيطرة قسد، و6 حالات ارتكبت في مناطق النظام على يد النظام السوري، كما ارتكب في مناطق المعارضة شمال غربي سوريا 18 حالة اعتقال.
وما تزال قوات سوريا الديمقراطية وعبر أذرعتها الأمنية المختلفة، تواصل سياساتها في تجنيد الأطفال، إذ وثقت الشبكة اختطاف 10 أطفال في مناطق شمال وشرقي سوريا من قبل قسد، ونقلتهم إلى معسكرات خاصة بالتدريب تمهيداً لزجهم في المعارك.
وكانت شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان قد أصدرت العديد من البيانات والتوضيحات، في مناسبات متعددة خلال آب الماضي، إذ تابعت الشبكة المجزرة المروعة التي ارتكبت في مدينة الباب ووثقت كامل تفاصيلها.
كما تتابع الشبكة آخر التطورات حول التهديدات التركية بشن عملية عسكرية على مناطق محددة من شمالي سوريا، إضافة إلى زج المدنيين واستخدامهم في الصراعات من قبل قوات سوريا الديمقراطية. كل ذلك كان له آثاراً كبيرة في ارتفاع حدة الانتهاكات خلال آب الماضي وارتفاع أعدادها.
وفي هذا الصدد فإن شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان يدعو المجتمع الدولي لأخذ موقف جدي تجاه الملف السوري، بوقف نزيف الدم والانتهاكات التي ترتكبها أطراف الصراع وخاصة النظام السوري.
وتطالب شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، وكافة المنظمات الدولية المعنية، بالوقوف أمام مسؤولياتهم لحماية المدنيين في سوريا، كما تطالب لجنة التحقيق الدولية المستقلة، بفتح تحقيقات موسعة في الحالات الموثقة.
وتدعو شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، كافة أطراف الصراع في سوريا، إلى تجنيب المدنيين الصراع، وإبعاد عملياتهم وصراعاتهم عن الأماكن المكتظة بالمدنيين وممتلكاتهم وعدم استخدامهم كدروع بشرية.