ما تزال الانتهاكات ضد المدنيين في سوريا، مستمرة بكافة أشكالها وأنواعها، بدءاً من القتل خارج نطاق القانون، والإصابة والضرب، وليس انتهاءً بالاعتقال أو الاحتجاز التعسفي، الذي تمارسه مختلف أطراف الصراع في سوريا، وخاصةً النظام السوري.
وتقوم شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، وإيماناً منها بتحقيق العدالة المستقبلية للضحايا، في واجبها بتوثيق جميع الانتهاكات ضد المدنيين والتي ترتكبها مختلف الأطراف، دون تحيز أو محاباة.
وتتبع شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، آلية واضحة بتوثيق تلك الانتهاكات وفق معايير قانونية دولية محددة لتوثيق الانتهاكات ضد المدنيين في مناطق الصراع والحروب، من خلال شبكة من الموثقين، متوزعين على مختلف المناطق السورية، شمالها وجنوبها، شرقها وغربها.
يستعرض هذا التقرير الشهري الصادر عن شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، حصيلة الانتهاكات المرتكبة ضد المدنيين، خلال شهر نيسان 2023، كما يتضمن تفاصيلاً بالأرقام لتوزع الانتهاكات خارج نطاق القانون على مختلف المناطق الجغرافية في سوريا، مع تحديد الجهات المسؤولة عنها.
وخلال الشهر الماضي، ارتفعت حدة الانتهاكات المرتكبة ضد المدنيين، ووتيرتها، إذ وثقت الشبكة العديد من حالات القتل تحت التعذيب في السجون.
وكان من أبرز الانتهاكات التي وثقتها الشبكة، ارتكاب مجازر في البادية السورية بحق مدنيين أثناء بحثهم على فطر الكمأ، عبر تفجير الألغام والعبوات الناسفة.
أيضاً، تزايدت حالات اختطاف الأطفال وتجنيدهم في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وأضحت سياسة اختطاف الأطفال وتجنيدهم وزجهم في معسكرات القتال والتدريب، ممنهجة لدى قوات سوريا الديمقراطية.
وما تزال الألغام المزروعة في مختلف المناطق شرقي وغربي سوريا، تحصد أرواح المدنيين الأبرياء، إذ وثقت شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، مقتل العدد الأكبر من المدنيين جراء انفجار تلك الألغام، كان من بين الضحايا نساء وأطفال.
وإلى جانب ذلك تصاعدت وتيرة الانتهاكات في مخيم الهول في شمال شرقي سوريا، الذي تسيطر عليه قوات سوريا الديمقراطية، إذ قتل طفل واعتقل العديد من الأشخاص في المخيم خلال الشهر الماضي.
كما صعّدت قوات النظام السوري من قصفها على محافظة إدلب، إذ خلّف القصف العديد من الانتهاكات بحق المدنيين، من قتل وإصابة.
وفي خارج سوريا، كان للتضيق والعنصرية التي تمارس بحق اللاجئين السوريين في لبنان، أثراً كبيراً في وقوع انتهاكات ضد اللاجئين السوريين في لبنان، وارتفاع حدتها وأعدادها، إضافة إلى قيام السلطات اللبنانية بترحيل عدد من العائلات السورية من لبنان إلى سوريا، وتسليمهم إلى قوات النظام الأمنية، ما يعرض حياتهم للخطر، وهو حصل مع عدد من اللاجئين السوريين، إذ سلمت القوات اللبنانية لاجئين لقوات النظام في السويداء، وما يزالان قيد الاحتجاز التعسفي حتى تاريخه.
تفاصيل التقرير
القتل خارج نطاق القانون
في نيسان 2023: توثيق مقتل 121 مدنياً في سوريا
وثقت شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان مقتل 121 مدنياً، في سوريا خلال شهر نيسان عام 2023، وتعتبر هذه الحصيلة من أعداد الضحايا المدنيين مرتفعة، مقارنةً بغيرها من أشهر العام الحاليّ.
وتعود أسباب ارتفاع نسبة أعداد القتلى خلال نيسان الماضي، إلى ارتفاع حدة التوتر والفلتان الأمني في المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام السوري، إضافةً إلى استمرار قوات سوريا الديمقراطية في سياساتها بارتكاب الانتهاكات والتضييق في مناطق سيطرتها، كما كان لقصف النظام السوري، أثره الواضح في ارتفاع وتيرة الانتهاكات في شمال غربي سوريا.
وتعتبر الألغام المتفجرة، من أخطر الأدوات التي أدت إلى مقتل مدنيين في نيسان الماضي، إذ قتل 82 مدنياً بسبب انفجار الألغام.
وبحسب توثيقات شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، فإن ٥ مدنيين قتلوا على يد قوات النظام السوري، و٤ مدنيين بينهم شابًا قتل تحت التعذيب على يد قوات سوريا الديمقراطية، كما قتل 5 مدنيين على يد عناصر من قوات الجيش الوطني السوري.
ومن أبرز حالات القتل التي وثقتها الشبكة خلال نيسان الماضي، مقتل طفلاً على يد قوات سوريا الديمقراطية في مخيم الهول شمال شرقي سوريا.
يضاف إلى ذلك مقتل 82 مدنياً، نتيجة انفجار الألغام، بينهم ٦ أطفال و٤ نساء، أثناء قيامهم بالبحث عن فطر الكمأ في مناطق متفرقة من سوريا.
وكان من بين حالات القتل ضد المدنيين الموثقة خلال الشهر الماضي، مقتل ٦ مدنيين بينهم سيدة على يد مسلحين مجهولين في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية. كما قتل مدنياً على يد مسلحين مجهولين في مناطق سيطرة الجيش الوطني السوري.
وشهدت مناطق سيطرة النظام السوري، مقتل ١٨ مدنياً، على يد مسلحين مجهولين.
الاعتقال التعسفي
على صعيد الاعتقالات، وثقت شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، خلال شهر نيسان الماضي، 33 حالة اعتقال تعسفي ارتكبت ضد مدنيين في مختلف المناطق السورية، كان منها 14 حالة اعتقال ارتكبت على يد قوات النظام السوري.
وما تزال قوات سوريا الديمقراطية وعبر أذرعتها الأمنية المختلفة، تواصل سياساتها في تجنيد الأطفال، إذ وثقت الشبكة اختطاف 7 أطفال في مناطق شمال وشرقي سوريا من قبل قوات سوريا الديمقراطية، ونقلتهم إلى معسكرات خاصة بالتدريب تمهيداً لزجهم في المعارك. إلى جانب اعتقالها 5 مدنيين بينهم ناشطاً إعلامياً، في مناطق سيطرتها.
وكانت قوات النظام مسؤولة عن اعتقال 14 مديناً خلال الشهر الماضي، بينهم ناشطاً إعلامياً و3 أطفال و3 نساء، في مناطق سيطرتها. كما وثقت الشبكة اختطاف مدنياً على يد مسلحين مجهولين في مناطق سيطرة النظام السوري.
وفي شمال غربي سوريا، وثقت الشبكة اعتقال 14 مديناً على يد قوات الجيش الوطني السوري، بينهم فتى قاصر، إضافة إلى اعتقال 3 مدنيين على يد هيئة تحرير الشام في مناطق سيطرتها.
وكانت شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان قد أصدرت العديد من البيانات والتوضيحات، في مناسبات متعددة خلال نيسان الماضي، إذ تابعت الشبكة المجزرة المروعة التي ارتكبت في البادية السورية بحق مدنيين أثناء جمعهم فطر الكمأ، ووثقت كامل تفاصيلها.
وتطالب شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، وكافة المنظمات الدولية المعنية، بالوقوف أمام مسؤولياتهم لحماية المدنيين في سوريا، كما تطالب لجنة التحقيق الدولية المستقلة، بفتح تحقيقات موسعة في الحالات الموثقة.
وتدعو شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، كافة أطراف الصراع في سوريا، إلى تجنيب المدنيين الصراع، وإبعاد عملياتهم وصراعاتهم عن الأماكن المكتظة بالمدنيين وممتلكاتهم وعدم استخدامهم كدروع بشرية.