تقرير أغسطس/آب 2024: شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان توثق 130 انتهاكًا بحق المدنيين في مختلف مناطق سوريا
مقدمة:
تستمر الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ضد المدنيين في سوريا بجميع أشكالها، سواء كانت تلك الانتهاكات تتعلق بالقتل خارج نطاق القانون، أو الإصابة المتعمدة، أو الاعتقال والاحتجاز التعسفي، وكلها تشكل انتهاكًا صارخًا للحقوق الأساسية المكفولة بموجب القوانين والمعاهدات الدولية. يرتكب هذه الانتهاكات مختلف أطراف النزاع، بما في ذلك النظام السوري، وقوات سوريا الديمقراطية، والجيش الوطني السوري، فضلًا عن الانتهاكات المرتكبة بحق الأطفال، ومنها تجنيدهم القسري من قبل قوات سوريا الديمقراطية.
آلية التوثيق:
تلتزم شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان بالمعايير القانونية الدولية في توثيقها للانتهاكات، مستندة إلى معايير حقوق الإنسان المكرسة في القانون الدولي الإنساني، واتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949، والبروتوكولات الإضافية لعام 1977، والإعلانات الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. تعتمد الشبكة على شبكة من الموثقين الميدانيين المنتشرين في مختلف أنحاء سوريا، بهدف جمع الأدلة والبيانات الميدانية المتعلقة بالانتهاكات المرتكبة، وتوثيقها بطريقة دقيقة وموثوقة يمكن الاعتماد عليها في المحافل الدولية وفي إجراءات المحاسبة المستقبلية.
ملخص التقرير:
يقدم هذا التقرير الشهري الصادر عن شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان عرضًا شاملًا لحصيلة الانتهاكات المرتكبة ضد المدنيين خلال شهر أغسطس/آب 2024. يتضمن التقرير بيانات تفصيلية موزعة جغرافيًا حول الانتهاكات التي ارتكبتها مختلف الأطراف، مع تحديد الجهات المسؤولة عن كل نوع من أنواع الانتهاكات، وفقًا لما هو منصوص عليه في القانون الدولي الإنساني، وخاصة تلك المتعلقة بحماية المدنيين في النزاعات المسلحة.
شهد شهر أغسطس/آب 2024 تصاعدًا ملحوظًا في وتيرة الانتهاكات المرتكبة ضد المدنيين، حيث وثقت الشبكة زيادة في عدد حالات القتل خارج نطاق القانون، والاعتقالات التعسفية، بالإضافة إلى حالات تجنيد الأطفال وإشراكهم في الأعمال العدائية، بما يشكل انتهاكًا صارخًا لاتفاقية حقوق الطفل والبروتوكول الاختياري المتعلق بإشراك الأطفال في النزاعات المسلحة.
الألغام والمتفجرات:
لا تزال الألغام والمتفجرات تشكل تهديدًا كبيرًا لحياة المدنيين، ولا سيما النساء والأطفال، في مناطق عدة من سوريا. فقد وثقت شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان مقتل عدد من المدنيين، بينهم أطفال ونساء، جراء انفجار الألغام في مناطق متعددة من البلاد. وتعتبر هذه الأفعال خرقًا للعديد من الاتفاقيات الدولية، بما في ذلك اتفاقية حظر استعمال وتكديس وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد لعام 1997 (اتفاقية أوتاوا).
الاعتقال التعسفي:
استمر أطراف النزاع في سوريا بممارسة الاعتقال التعسفي ضد المدنيين، في خرق واضح للمادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966، والتي تكفل الحق في الحرية والأمان الشخصي، وتحظر الاعتقال التعسفي. وثقت الشبكة ارتفاعًا كبيرًا في حالات الاعتقال التعسفي، حيث بلغ عدد الحالات الموثقة 41 حالة خلال شهر أغسطس/آب 2024. ارتكبت هذه الاعتقالات بشكل رئيسي من قبل الجيش الوطني السوري وقوات سوريا الديمقراطية في مناطق سيطرتهم، كما قامت قوات النظام السوري باعتقال عدد من الأشخاص في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
تفاصيل التقرير:
القتل:
في أغسطس/آب 2024، وثقت شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان مقتل 60 مدنيًا، بينهم خمسة أطفال وسيدة. تعزى هذه الحصيلة المرتفعة إلى تزايد الأعمال العدائية في مناطق متعددة من سوريا، وهو ما يشكل انتهاكًا جسيمًا للمادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف، والتي تنص على حماية المدنيين والأشخاص الذين لا يشاركون في الأعمال العدائية.
- قوات سوريا الديمقراطية: وثقت الشبكة مسؤولية قوات سوريا الديمقراطية عن مقتل ستة أشخاص، بينهم سيدة وطفلة، في مناطق سيطرتها. تشكل هذه الأعمال خرقًا للبروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقيات جنيف، الذي يحظر الاعتداء على حياة المدنيين.
- النظام السوري وميليشياته: ثبت تورط النظام السوري وميليشياته في مقتل 17 مدنيًا، بينهم شخص تحت التعذيب في سجون النظام. تعتبر هذه الجرائم انتهاكًا للمادة 7 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والتي تحظر الجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك القتل والتعذيب.
- جهات مسلحة مجهولة: سجلت الشبكة مقتل 18 شخصًا في مناطق متفرقة من سوريا، خاصة في محافظة درعا ومناطق من دير الزور شرقي سوريا، على يد جهات مسلحة مجهولة. تشكل هذه الجرائم انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني، خاصة المادة 51 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف التي تحظر الهجمات العشوائية.
- الفصائل المحلية: تورطت الفصائل المحلية في مقتل شخص في ريف محافظة درعا، وثلاثة مدنيين، بينهم طفل، بسبب اشتباكات بين قوات سوريا الديمقراطية وما يسمى قوات العشائر في ريف محافظة دير الزور ومقتل شخصين جراء اشتباكات بين فصائل محلية وقوات النظام في ريف محافظة درعا
- تنظيم داعش: كان تنظيم داعش الإرهابي مسؤولًا عن مقتل خمسة مدنيين من رعاة الغنم. تشكل هذه الأعمال جرائم حرب بموجب المادة 8 من نظام روما الأساسي.
- الطيران التركي: وثق التقرير الشهري لشبكتنا مقتل مدني جراء قصف طيران مسير تركي على مدينة عامودا بريف محافظة الحسكة، في انتهاك صارخ لمبدأ التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية، وهو أحد المبادئ الأساسية في القانون الدولي الإنساني.
- حرس الحدود التركي: وثقت الشبكة مقتل شخصين على يد حرس الحدود التركي، وهو ما يشكل انتهاكًا للحق في الحياة المكفول بموجب المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
- الألغام: حصدت الألغام المتفجرة أرواح خمسة مدنيين، بينهم طفلان، في مناطق من شرقي وجنوبي سوريا. تشكل هذه الجرائم انتهاكًا لاتفاقية أوتاوا، التي تحظر استخدام الألغام المضادة للأفراد.
الاعتقال التعسفي:
شهد شهر أغسطس/آب 2024 تصاعدًا ملحوظًا في حالات الاعتقال التعسفي، إذ وثقت الشبكة حالة اعتقال تعسفي، بعضها مستمر حتى تاريخ نشر التقرير.
- الجيش الوطني السوري: كان الجيش الوطني السوري مسؤولًا عن ارتكاب معظم هذه الاعتقالات اعتقال 41 شخصاً ما يعد انتهاكًا واضحًا للمادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
- قوات سوريا الديمقراطية: ارتكبت قوات سوريا الديمقراطية 9 حالات اعتقال تعسفي ضد المدنيين في مناطق سيطرتها، في انتهاك لحقوق الأفراد في الحرية والأمان الشخصي.
- النظام السوري: قامت قوات النظام باعتقال 9 أشخاص في المناطق الخاضعة لسيطرتها، في انتهاك واضح للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
- هيئة تحرير الشام: كانت هيئة تحرير الشام مسؤولة عن ارتكاب حالتين من الاعتقال التعسفي في مناطق سيطرتها، ما يشكل انتهاكًا إضافيًا لحقوق الإنسان في سوريا.
تجنيد الأطفال:
تواصل قوات سوريا الديمقراطية سياسة تجنيد الأطفال، ما يشكل انتهاكًا جسيمًا لاتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، والبروتوكول الاختياري المتعلق بإشراك الأطفال في النزاعات المسلحة لعام 2000. وثقت الشبكة قيام قوات سوريا الديمقراطية وذراعها المعروف باسم الشبيبة الثورية باختطاف 9 أطفال من مناطق سيطرتها شمال شرقي سوريا، وزجهم في جبهات القتال ومعسكرات تجنيد الأطفال. هذه الانتهاكات تعد انتهاكًا صارخًا للمادة 38 من اتفاقية حقوق الطفل، والتي تحظر تجنيد الأطفال واستخدامهم في النزاعات المسلحة.
الدعوات والمطالب:
دعوة المجتمع الدولي:
في هذا الصدد، تعرب شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان عن تضامنها الكامل مع الضحايا وأسرهم، وتؤكد أن هذه الانتهاكات يجب أن تدفع المجتمع الدولي والأطراف الدولية المعنية بالملف السوري إلى اتخاذ خطوات جدية في مسار تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة، بما في ذلك قرار مجلس الأمن رقم 2254 لعام 2015، الذي يدعو إلى وقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية سياسية في سوريا.
كما تدعو الشبكة المجتمع الدولي إلى تفعيل الآليات القانونية الدولية لمحاسبة مرتكبي الانتهاكات، وخاصة الجرائم التي ارتكبها النظام السوري بشكل ممنهج. تؤكد الشبكة على ضرورة إنشاء الآلية الدولية المستقلة للمختفين قسريًا في سوريا، وفقًا لقرار الجمعية