ما تزال الانتهاكات ضد المدنيين في سوريا مستمرة بجميع أشكالها وأنواعها، بدءاً من القتل خارج نطاق القانون، والإصابة والضرب، وصولاً إلى الاعتقال أو الاحتجاز التعسفي، الذي تمارسه مختلف أطراف الصراع في سوريا، وبالأخص النظام السوري والجيش الوطني كما يتم ارتكاب العديد من الانتهاكات بحق الأطفال، بما في ذلك تجنيدهم من قبل قوات سوريا الديمقراطية. وتشهد المناطق الشمالية الغربية من سوريا ارتفاعاً ملحوظاً في وتيرة القصف الممنهج ضد المدنيين من قبل قوات النظام السوري، وخاصة خلال شهر سبتمبر أيلول 2024
تتبع شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان آلية واضحة لتوثيق تلك الانتهاكات وفق معايير قانونية دولية محددة، وذلك من خلال شبكة من الموثقين المنتشرين في مختلف المناطق السورية شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً.
يستعرض هذا التقرير الشهري الصادر عن شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان حصيلة الانتهاكات المرتكبة ضد المدنيين خلال شهر سبتمبر أيلول 2024. كما يتضمن تفاصيل رقمية حول توزع الانتهاكات خارج نطاق القانون على مختلف المناطق الجغرافية في سوريا، مع تحديد الجهات المسؤولة عنها.
القتل:
وثقت الشبكة مقتل 58 مدنياً خلال شهر سبتمبر أيلول 2024، بينهم نساء وأطفال. وتعتبر هذه الحصيلة مرتفعة مقارنة بالأشهر السابقة لهذا العام. وقد كانت قوات سوريا الديمقراطية مسؤولة عن مقتل خمسة أشخاص، بينهم طفل، وذلك تحت التعذيب في السجون أو بالقنص أو بإطلاق الرصاص المباشر. أما قوات النظام السوري وميليشياته، فكانت مسؤولة عن مقتل 13 مدنياً، منهم 7 عبر القصف الممنهج، و3 آخرين تحت التعذيب في سجون النظام. كما كانت قوات الجيش الوطني مسؤولة عن مقتل شخصين.
من جهة أخرى، كانت جهات مسلحة مجهولة مسؤولة عن مقتل 26 شخصاً في مناطق متفرقة من سوريا، خاصة في محافظة درعا ومناطق من دير الزور والرقة. وقد حصدت الألغام المزروعة أرواح 12 مدنياً، بينهم سبعة أطفال، في مناطق شرقي وريف حلب وجنوب سوريا.
الاعتقال التعسفي:
شهد شهر سبتمبر أيلول 2024 ارتفاعاً في حالات الاعتقال التعسفي، حيث وثقت الشبكة 56 حالة، معظمها ارتكبتها قوات النظام والجيش الوطني السوري. وقد ارتكبت قوات النظام 12 حالة اعتقال تعسفي في مناطق سيطرتها، بينهم سيدة، فيما ارتكب الجيش الوطني 36 حالة في مناطق سيطرته، خاصة في منطقة عفرين شمالي حلب. وكانت قوات سوريا الديمقراطية مسؤولة عن 7 حالات اعتقال تعسفي، بينما ارتكبت هيئة تحرير الشام حالة واحدة فقط.
تجنيد الأطفال:
لا تزال قوات سوريا الديمقراطية مستمرة في سياسة تجنيد الأطفال وإشراكهم في جبهات القتال. وقد وثقت الشبكة اختطاف 9 أطفال من قبل قوات سوريا الديمقراطية وذراعها المعروف باسم “الشبيبة الثورية” من مناطق سيطرتها شمال شرقي سوريا، حيث تم تجنيدهم في جبهات القتال ومعسكرات التدريب.
دعوة للمجتمع الدولي:
تعبر شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان عن تضامنها الكامل مع الضحايا وأسرهم، وتؤكد على ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي خطوات جدية لتطبيق القرارات الدولية المتعلقة بالأزمة السورية، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، لا سيما تلك التي يرتكبها النظام السوري بشكل ممنهج. كما تدعو إلى إنشاء آلية دولية للمختفين قسرياً في سوريا.
تجدد الشبكة مطالبها بالإفراج عن جميع المعتقلين على خلفية نشاطهم السياسي وآرائهم،
وفي ظل التصعيد العسكري المستمر من قبل قوات النظام السوري والميليشيات التابعة له في شمال غربي سوريا، تؤكد الشبكة استمرار النظام في استهداف المدنيين وممتلكاتهم، كما نددت بقيام فصائل مسلحة، تابعة للجيش الوطني، بالاعتداء على قرى في ريف عفرين كما طالبت شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا بتغيير مناهجها العلمية في مدارس تحت سيطرتها كونه يحرض الأطفال على العنف وحمل السلاح
وأخيراً، تطالب شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان المجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، بتحمل مسؤولياتهم لحماية المدنيين في سوريا، وفتح تحقيقات موسعة في حالات الانتهاكات الموثقة. كما تدعو كافة أطراف الصراع إلى إبعاد عملياتهم العسكرية عن المناطق المأهولة بالمدنيين، وعدم استخدامهم كدروع بشرية.