
في آب 2023: توثيق مقتل 103 مدنيين بينهم نساء وأطفال في سوريا
مقدمة التقرير
ما تزال الانتهاكات ضد المدنيين في سوريا مستمرة بكافة أشكالها وأنواعها، بدءاً من القتل خارج نطاق القانون، والإصابة والضرب، وليس انتهاءً بالاعتقال أو الاحتجاز التعسفي، الذي تمارسه مختلف أطراف الصراع في سوريا، وخاصةً النظام السوري، وارتكاب العديد من الانتهاكات بحق الاطفال وتجنيدهم خلال آب 2023.
وتقوم شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، وإيماناً منها بتحقيق العدالة المستقبلية للضحايا، في واجبها بتوثيق جميع الانتهاكات ضد المدنيين والتي ترتكبها مختلف الأطراف، دون تحيز أو محاباة.
وتتبع شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، آلية واضحة بتوثيق تلك الانتهاكات وفق معايير قانونية دولية محددة لتوثيق الانتهاكات ضد المدنيين في مناطق الصراع والحروب، من خلال شبكة من الموثقين، متوزعين على مختلف المناطق السورية، شمالها وجنوبها، شرقها وغربها.
يستعرض هذا التقرير الشهري الصادر عن شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، حصيلة الانتهاكات المرتكبة ضد المدنيين، خلال شهر آب 2023، كما يتضمن تفاصيلاً بالأرقام لتوزع الانتهاكات خارج نطاق القانون على مختلف المناطق الجغرافية في سوريا، مع تحديد الجهات المسؤولة عنها.
وخلال الشهر، ارتفعت حدة الانتهاكات المرتكبة ضد المدنيين، ووتيرتها، إذ وثقت الشبكة العديد من حالات القتل والتعذيب، كذلك تجنيد الأطفال وزجهم على الجبهات.
كذلك ارتكب العديد من الانتهاكات ضد المدنيين خلال الاشتباكات الدائرة بين قوات سوريا الديمقراطية ومجلس دير الزور العسكري، كذلك اعتقلت قوات سوريا الديمقراطية العديد من المدنيين خلال حملة تنفذها في المنطقة ذاتها.
وأدت تلك الاشتباكات إلى مقتل العديد من الأطفال والنساء، وحركة نزوح شهدتها المنطقة، ما زاد الوضع المعيشي سوءاً جراء الاشتباكات.
كما كان لارتفاع وتيرة القصف العشوائي من قبل النظام السوري والقوات الروسية لمناطق مختلفة من شمال غربي سوريا، أدت إلى مقتل العديد من المدنيين بينهم أطفال ونساء.
وما تزال الألغام تحصد أرواح المدنيين، وخاصة الأطفال منهم والنساء، إذ وثق فريق شبكة رصد مقتل العديد من المدنيين والأطفال والنساء في مناطق متفرقة من سوريا.
وتستمر مختلف أطراف الصراع بارتكاب الانتهاكات ضد المدنيين إذ وثقت الشبكة ارتفاع في حالات الاعتقال التعسفي سواء أكان مؤقتاً أو ما زال مستمراً.
إلى جانب ذلك وثقت الشبكة ارتفاع في حالات القتل تحت التعذيب في سجون مختلف الأطراف المتصارعة، وخاصة في سجون النظام السوري الذي يعتبر المسؤول الأبرز عن معظم تلك الحالات.
تفاصيل التقرير
في آب 2023: توثيق مقتل 103 مدنيين بينهم نساء وأطفال في سوريا
الحصيلة الأكبر من القتلى كانت على يد قوات النظام السوري وميليشيات تابعة له.
وثقت شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان مقتل 103 مدنيين، في سوريا خلال شهر آب عام 2023، وتعتبر هذه الحصيلة من أعداد الضحايا المدنيين مرتفعة، مقارنةً بغيرها من أشهر العام الحاليّ، إضافة إلى ارتفاعها مقارنة بشهر تموز الماضي الذي وثقت الشبكة فيه، مقتل 57 مدنيا.
وتعود أسباب ارتفاع نسبة أعداد القتلى خلال آب 2023، إلى ارتفاع حدة التوتر والفلتان الأمني في المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام السوري، إضافةً إلى استمرار قوات سوريا الديمقراطية في سياساتها بارتكاب الانتهاكات والتضييق في مناطق سيطرتها، والاشتباكات الدائرة بينها وبين مجلس دير الزور العسكري، كما كان للسيارات المفخخة والألغام، أثرها الواضح في ارتفاع وتيرة الانتهاكات في الشمال السوري وسوريا عموما، كما كان لقصف قوات النظام وروسيا سبباً مباشراً في مقتل العديد من المدنيين بينهم الأطفال والنساء.
وكان النظام السوري وأجهزته الأمنية مسؤولة عن مقتل 35 مدنياً من مجموع القتلى الموثقين لدى الشبكة خلال آب 2023، منهم مسؤوليته عن مقتل 5 مدنيين تحت التعذيب في سجونه بدمشق وصيد نايا.
وتوزعت حصيلة النظام السوري من حالات القتل الـ35 مدنياً على مختلف الجغرافيا السورية، ففي ريف دمشق قتل 5 مدنيين على يد النظام، كما قتل 4 أطفال جراء قصف النظام على إدلب، إلى جانب مقتل 10 مدنيين جراء قصف قوات النظام على ريف حلب الغربي وإدلب بالإضافة لمقتل مدنيين اثنين بقصف روسي على إدلب، وفي دير الزور كان النظام مسؤولاً عن مقتل مدني، كذلك قتل مدنيا بقصف للنظام استهدف مدينة الباب شرقي حلب، فيما قتلت ميليشيات تابعة للنظام مدنيين اثنين في مدينة حلب ومدنياً في معرة النعمان بريف إدلب، وفي درعا كانت مسؤولة عن مقتل مدنيين اثنين على يد عناصرها، كما قصفت قوات النظام مدينة عفرين أدى القصف لمقتل مدني.
وكانت قوات سوريا الديمقراطية مسؤولة عن مقتل 8 مدنيين، بينهم نساء وأطفال، في مختلف المناطق، منها عبر قصف مدينة عفرين، ومقتل مدنيا تحت التعذيب في سجونها، ودير الزور والرقة والحسكة. كذلك قتل 3 مدنيين وطفل جراء الاشتباكات الدائرة بين مجلس دير الزور العسكري وقوات سوريا الديمقراطية في شرقي سوريا.
وكانت جهات مسلحة مجهولة مسؤولة عن مقتل 31 مدنياً بينهم نساء وأطفال، في مناطق متفرقة من سوريا، وكانت النسبة الأكبر قد شهدتها محافظة درعا بمقتل 14 مدنياً على يد مجموعات مسلحة مجهولة، ما يؤكد استمرار حالة الفوضى والفلتان الأمني في مناطق سيطرة النظام السوري.
كما كانت قوات الجيش الوطني السوري، مسؤولة عن مقتل 3 مدنيين منهم قتلوا تحت التعذيب بسجونها، كما قتل على يد القوات التركية سائق سيارة تابعة لقناة جين تفي، قناة المرأة، الممولة من قبل الإدارة الذاتية، فيما قتلت قوات الجندرما التركية 4 مدنيين سوريين أثناء محاولتهم العبور إلى تركيا بطريقة غير شرعية.
وكانت حصيلة القتلى المدنيين نتيجة انفجار الألغام المزروعة، كبيرة، إذ قتل 16 مدنياً نتيجة انفجار الألغام، بينهم 10 أطفال، و 3 نساء. في الرقة ومنبج ودرعا والحسة والسويداء ودير الزور.
وعلى صعيد الإصابات وثقت شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، إصابة 11 مدنياً بينهم امرأة وطفلين، ومنها إصابة 10 إصابات كانت جراء قصف لقوات النظام والقوات الروسية على إدلب وعفرين.
وشهد شهر آب 2023، ارتفاع في حالات الاعتقال التعسفي، منه المستمر حتى تاريخ نشر التقرير، إذ وثقت الشبكة 40 حالة اعتقال تعسفي، إضافة إلى إقدام جهات مجهولة على اختطاف 6 مدنيين في الرقة والحسكة وعفرين والسويداء ودرعا.
فيما كانت تحرير الشام مسؤولة عن 7 حالات اعتقال في إدلب، والجيش الوطني مسؤولاً عن 18 حالة في مناطق سيطرته، وقوات سوريا الديمقراطية مسؤولة عن 7 حالات في الحسكة ودير الزور، كان بينهم اعتقالها لصحفيين وعاملين في المجال الإعلامي ومداهمتها لمكتب وكالة باز الإخبارية في الحسكة.
في حين كان النظام السوري مسؤولاً عن اعتقال 8 حالات، كان بينها اعتقال قواته لطفل في درعا و3 مدنيين في المدينة ذاتها، فيما توزعت باقي حالات الاعتقال التي ارتكبتها قوات النظام على باقي مناطق سيطرته.
وما تزال قوات سوريا الديمقراطية مستمرة في سياستها بتجنيد الأطفال وزجهم بجبهات القتال، إذ وثقت الشبكة إقدام قوات سوريا الديمقراطية وذراعها المعروف باسم الشبيبة الثورية على اختطاف8 أطفال من مناطق سيطرتها شمال شرقي سوريا، وزجهم بجبهات القتال ومعسكرات تجنيد الأطفال.
وخلال الشهر الماضي (آب 2023) أصدرت شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، العديد من البيانات في مناسبات عالمية ودولية مختلفة، وتنديداً باستمرار مختلف الاطراف بارتكاب الانتهاكات ضد المدنيين.
حيث أصدرت الشبكة بياناً خاصاً حول حادثة احتراق 10 خيم في مخيم الهول بريف الحسكة واستمرار معاناة المدنيين في المخيم.
كما أصدرت الشبكة بياناً بمناسبة مرور اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري.. أكثر من 100 ألف شخصاً مازالوا قيد الإخفاء القسري.
تؤكد شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، بمناسبة هذا اليوم العالمي، على أن جريمة الإخفاء القسري، التي ترتكبها مختلف أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، شكلت أحد أكثر الانتهاكات تأثيراً ووحشيةً على المجتمع السوري.
كما تشير الشبكة في بيانها على أن هذه الجريمة تعتبر أحد أبرز الأسباب التي ما زالت تشكل هاجساً لدى النازحين السوريين واللاجئين، من العودة إلى منازلهم وأملاكهم، خوفاً من الاعتقالات التعسفية التي تنتهجها الأطراف وخاصة النظام السوري تجاههم، وبالتالي استمرار معاناتهم.
وفي هذا الصدد فإن شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، إذ وتعتبر عن تضامنها الكامل مع الضحايا وأسرهم، وفي ذات الوقت فإنها تؤكد على أن هذه المناسبة يجب أن تدفع المجتمع الدولي والأطراف الدولية المعنية بالملف السوري، للقدوم مضياً في اتخاذ خطوات جدية في مسار تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة والدفع باتجاه حل الأزمة السورية ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات وخاصة التي ارتكبها النظام السوري على نطاق ممنهج، وإطلاق مسار عملية جدية في إنشاء الآلية الدولية للمختفين قسرياً في سوريا.
وتجدد الشبكة مطالبها لجميع الأطراف في الإفراج عن كل المعتقلين في سجونها على خلفية نشاطهم السياسي وآرائهم، وتدعوهم إلى تجنيب المدنيين صراعاتهم، وخاصة في ظل تجدد الاشتباكات بين مكونات من قوات سوريا الديمقراطية ومجلس دير الزور العسكري والتي ألقت بظلالها على المدنيين إذ زادت أعداد الانتهاكات والاعتقالات التعسفية في الآونة الأخيرة بشكل كبير.
وعلى خلفية الاشتباكات الدائرة شرق سوريا بين قوات سوريا الديمقراطية ومجلس دير الزور العسكري، أصدرت الشبكة بياناً، دانت فيه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان على خلفية الاشتباكات بين قوات سوريا الديمقراطية ومجلس دير الزور العسكري، وأكدت على الطرفين الالتزام بقواعد القانون الدولي.
كذلك على خلفية التصعيد العسكري من قبل قوات النظام السوري والقوات الروسية، باستمرار القصف على شمال غربي سوريا أصدرت الشبكة، بياناً أكدت فيه أن قوات النظام السوري ما زالت مستمرة في انتهاكاتها بقصف المدنيين، إضافة إلى استهدافها مدرستين في ريف إدلب.
وفي هذا الصدد فإن شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان تدعو المجتمع الدولي لأخذ موقف جدي تجاه الملف السوري، بوقف نزيف الدم والانتهاكات التي ترتكبها أطراف الصراع وخاصة النظام السوري.
وتطالب شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، وكافة المنظمات الدولية المعنية، بالوقوف أمام مسؤولياتهم لحماية المدنيين في سوريا، كما تطالب لجنة التحقيق الدولية المستقلة، بفتح تحقيقات موسعة في الحالات الموثقة.
وتدعو شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، كافة أطراف الصراع في سوريا، إلى تجنيب المدنيين الصراع، وإبعاد عملياتهم وصراعاتهم عن الأماكن المكتظة بالمدنيين وممتلكاتهم وعدم استخدامهم كدروع بشرية.