مقدمة التقرير
ما تزال الانتهاكات ضد المدنيين في سوريا مستمرة بكافة أشكالها وأنواعها، بدءاً من القتل خارج نطاق القانون، والإصابة والضرب، وليس انتهاءً بالاعتقال أو الاحتجاز التعسفي، الذي تمارسه مختلف أطراف الصراع في سوريا، وخاصةً النظام السوري، وارتكاب العديد من الانتهاكات بحق الأطفال وتجنيدهم، وارتفاع في حدة القصف الممنهج ضد المدنيين في شمال غرب سوريا من قبل قوات النظام السوري، خلال تشرين الأول 2023.
تتبع شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، آلية واضحة بتوثيق تلك الانتهاكات وفق معايير قانونية دولية محددة لتوثيق الانتهاكات ضد المدنيين في مناطق الصراع والحروب، من خلال شبكة من الموثقين، متوزعين على مختلف المناطق السورية، شمالها وجنوبها، شرقها وغربها.
يستعرض هذا التقرير الشهري الصادر عن شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، حصيلة الانتهاكات المرتكبة ضد المدنيين، خلال شهر تشرين الأول 2023، كما يتضمن تفاصيلاً بالأرقام لتوزع الانتهاكات خارج نطاق القانون على مختلف المناطق الجغرافية في سوريا، مع تحديد الجهات المسؤولة عنها.
وخلال الشهر، ارتفعت حدة الانتهاكات المرتكبة ضد المدنيين، ووتيرتها، إذ وثقت الشبكة العديد من حالات القتل والاعتقالات التعسفية، كذلك تجنيد الأطفال وزجهم على الجبهات.
كذلك ارتكب العديد من الانتهاكات ضد المدنيين خلال الاشتباكات الدائرة بين قوات سوريا الديمقراطية ومجلس دير الزور العسكري، كذلك اعتقلت قوات سوريا الديمقراطية العديد من المدنيين خلال حملة تنفذها في المنطقة ذاتها. وأدت تلك الاشتباكات إلى مقتل العديد من الأطفال والنساء، وحركة نزوح شهدتها المنطقة، ما زاد الوضع المعيشي سوءاً جراء الاشتباكات.
كما كان لارتفاع وتيرة القصف العشوائي من قبل النظام السوري والقوات الروسية لمناطق مختلفة من شمال غربي سوريا وخاصة محافظة إدلب وريف حلب الغربي، أدت إلى مقتل العديد من المدنيين بينهم أطفال ونساء وتهجير العديد من القرى والبلدات من مساكنهم.
وما تزال الألغام تحصد أرواح المدنيين، وخاصة الأطفال منهم والنساء، إذ وثق فريق شبكة رصد مقتل العديد من المدنيين والأطفال والنساء في مناطق متفرقة من سوريا.
وتستمر مختلف أطراف الصراع بارتكاب الانتهاكات ضد المدنيين إذ وثقت الشبكة ارتفاع في حالات الاعتقال التعسفي سواء أكان مؤقتاً أو ما زال مستمراً.
تفاصيل التقرير
في تشرين الأول 2023: توثيق مقتل 166 مدنياً بينهم نساء وأطفال في سوريا
الحصيلة الأكبر من القتلى كانت على يد قوات النظام السوري وميليشيات تابعة له
وثقت شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان مقتل 166 مدنياً، في سوريا خلال شهر أيلول عام 2023، وتعتبر هذه الحصيلة من أعداد الضحايا المدنيين مرتفعة جداً، مقارنةً بغيرها من أشهر العام الحالي، ومنها أيلول الماضي الذي وثقت فيه شبكتنا مقتل 50 مدنياً.
وتعود أسباب ارتفاع نسبة أعداد القتلى خلال أيلول 2023، إلى ارتفاع حدة التوتر والفلتان الأمني في المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام السوري، والقصف الممنهج الذي انتهجته قوات النظام السوري وحليفته روسيا ضد المناطق المؤهلة في السكان شمال غربي سوريا، إدلب وريفها وريف حلب الغربي.
إضافةً إلى استمرار قوات سوريا الديمقراطية في سياساتها بارتكاب الانتهاكات والتضييق في مناطق سيطرتها، والاشتباكات الدائرة بينها وبين مجلس دير الزور العسكري، كما كان للسيارات المفخخة والألغام، أثرها الواضح في ارتفاع وتيرة الانتهاكات في الشمال السوري وسوريا عموماً.
وكان النظام السوري وأجهزته الأمنية مسؤولة عن مقتل 72 مدنياً من مجموع القتلى الموثقين لدى الشبكة خلال أيلول 2023، معظمهم قتلتهم طائرات النظام ومدفعيته الثقيلة.
وتوزعت حصيلة النظام السوري من حالات القتل الـ72مدنياً على مختلف الجغرافيا السورية، إذ ارتكبت قوات النظام مجزرة في إدلب ووثقتها شبكتنا خلال الشهر الماضي، واستهدفت البنى التحتية ومنازل المدنيين السكنية.
وكانت قوات سوريا الديمقراطية مسؤولة عن مقتل 6 مدنياً، في مختلف المناطق، التي تسيطر عليها، ومنها مسؤوليتها عن قنص مدنياً في مناطق شمال غربي سوريا بريف حلب الشمالي أثناء عمله في بيع الخضروات.
كما قتل 3 مدنيين جراء الاشتباكات الدائرة بين قوات سوريا الديمقراطية وقوات العشائر شرقي دير الزور.
وكانت جهات مسلحة مجهولة مسؤولة عن مقتل 48 مدنياً بينهم نساء وأطفال، في مناطق متفرقة من سوريا، اكثرهم في مدينة درعا وريفها.
كما كانت قوات الجيش الوطني السوري، مسؤولة عن مقتل 3 أشخاص، خلال الشهر الماضي، فيما كانت قوات القوات التركية مسؤولة عن مقتل شخص واحد.
وكانت حصيلة القتلى المدنيين نتيجة انفجار الألغام المزروعة، كبيرة، إذ قتل 7 مدنيين بينهم نساء وأطفال.
وشهد شهر تشرين الأول 2023، ارتفاع في حالات الاعتقال التعسفي، منه المستمر حتى تاريخ نشر التقرير، إذ وثقت الشبكة 75 حالة اعتقال تعسفي، إضافة إلى إقدام “الشبيبة الثورية” وجهات تابعة لقوات سوريا الديمقراطية باختطاف الأطفال وتجنيدهم في معسكرات تجنيد الاطفال في الحسكة والقامشلي وغيرها من مناطق سيطرتها.
وكانت قوات سوريا الديموقراطية مسؤولة عن اعتقال 39 شخصاً، وكانت قوات النظام السوري مسؤولة عن اعتقال 7 أشخاص. فيما كانت قوات الجيش الوطني السوري مسؤولة عن اعتقال 29 شخصاً في مناطق سيطرتها.
وما تزال قوات سوريا الديمقراطية مستمرة في سياستها بتجنيد الأطفال وزجهم بجبهات القتال، إذ وثقت الشبكة إقدام قوات سوريا الديمقراطية وذراعها المعروف باسم الشبيبة الثورية على اختطاف 6 اطفال من مناطق سيطرتها شمال شرقي سوريا، وزجهم بجبهات القتال ومعسكرات تجنيد الأطفال.
وخلال الشهر الماضي (تشرين الأول 2023) أصدرت شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، العديد من البيانات في مناسبات عالمية ودولية مختلفة، وتنديداً باستمرار مختلف الاطراف بارتكاب الانتهاكات ضد المدنيين.
كما رصدت الشبكة استمرار سياسة قوات سوريا الديمقراطية بقمع المظاهرات المنددة في منطقة دير الزور الشرقي، واستمرارها بقمع الحريات والمدنيين المحتجين على سياساتها.
وفي هذا الصدد فإن شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، إذ وتعتبر عن تضامنها الكامل مع الضحايا وأسرهم، وفي ذات الوقت فإنها تؤكد على أن هذه الانتهاكات يجب أن تدفع المجتمع الدولي والأطراف الدولية المعنية بالملف السوري، للقدوم مضياً في اتخاذ خطوات جدية في مسار تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة والدفع باتجاه حل الأزمة السورية ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات وخاصة التي ارتكبها النظام السوري على نطاق ممنهج، وإطلاق مسار عملية جدية في إنشاء الآلية الدولية للمختفين قسرياً في سوريا.
وتجدد الشبكة مطالبها لجميع الأطراف في الإفراج عن كل المعتقلين في سجونها على خلفية نشاطهم السياسي وآرائهم، وتدعوهم إلى تجنيب المدنيين صراعاتهم، وخاصة في ظل تجدد الاشتباكات بين مكونات من قوات سوريا الديمقراطية ومجلس دير الزور العسكري والتي ألقت بظلالها على المدنيين إذ زادت أعداد الانتهاكات والاعتقالات التعسفية في الآونة الأخيرة بشكل كبير.
كذلك على خلفية التصعيد العسكري من قبل قوات النظام السوري والقوات الروسية، باستمرار القصف على شمال غربي سوريا أصدرت الشبكة، بياناً أكدت فيه أن قوات النظام السوري ما زالت مستمرة في انتهاكاتها بقصف المدنيين، إضافة إلى استهدافها مدرستين في ريف إدلب.
إن شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان تدعو المجتمع الدولي لأخذ موقف جدي تجاه الملف السوري، بوقف نزيف الدم والانتهاكات التي ترتكبها أطراف الصراع وخاصة النظام السوري.
وتطالب شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، وكافة المنظمات الدولية المعنية، بالوقوف أمام مسؤولياتهم لحماية المدنيين في سوريا، كما تطالب لجنة التحقيق الدولية المستقلة، بفتح تحقيقات موسعة في الحالات الموثقة.
وتدعو شبكة رصد سوريا لحقوق الإنسان، كافة أطراف الصراع في سوريا، إلى تجنيب المدنيين الصراع، وإبعاد عملياتهم وصراعاتهم عن الأماكن المكتظة بالمدنيين وممتلكاتهم وعدم استخدامهم كدروع بشرية.